فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القرطبي:

قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا أَنزَلَ الله لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلًا}.
فيه مسألتان:
الأولى:
قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ} يخاطب كفار مكة.
{مَّا أَنزَلَ الله لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ} {ما} في موضع نصب بأرأيتم.
وقال الزجاج: في موضع نصب بـ {أنزل}.
{وَأَنْزَلَ} بمعنى خلق؛ كما قال: {وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنعام ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: 6].
{وَأَنزْلْنَا الحديد فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ}.
فيجوز أن يعبر عن الخلق بالإنزال؛ لأن الذي في الأرض من الرزق إنما هو بما ينزل من السماء من المطر.
{فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلًا} قال مجاهد: هو ما حكموا به من تحريم البَحِيرة والسائبة والوِصيلة والحام.
وقال الضحاك: هو قول الله تعالى: {وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحرث والأنعام نَصِيبًا} [الأنعام: 136].
{قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} أي في التحليل والتحريم.
{أَمْ عَلَى الله} {أم} بمعنى بل.
{تَفْتَرُونَ} هو قولهم إن الله أمرنا بها.
الثانية:
استدلّ بهذه الآية من نفى القياس، وهذا بعيد؛ فإن القياس دليل الله تعالى، فيكون التحليل والتحريم من الله تعالى عند وجود دِلالة نصبها الله تعالى على الحكم، فإن خالف في كون القياس دليلًا لله تعالى فهو خروج عن هذا الغرض ورجوع إلى غيره. اهـ.

.قال أبو حيان:

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا}
مناسبة هذه الآية لما قبلها هي أنه لما ذكر تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم} وكان المراد بذلك كتاب الله المشتمل على التحليل والتحريم، بيّن فساد شرائعهم وأحكامهم من الحلال والحرام من غير مستند في ذلك إلى وحْي.
وأرأيتم هنا بمعنى أخبروني.
وجوزوا في ما أنزل أن تكون موصولة مفعولًا أولا لأرأيتم، والعائد عليها محذوف، والمفعول الثاني قوله: {آلله أذن لكم}، والعائد على المبتدأ من الخبر محذوف تقديره: آلله أذن لكم فيه، وكرر قلْ قبل الخبر على سبيل التوكيد.
وأن تكون ما استفهامية منصوبة بأنزل قاله: الحوفي والزمخشري.
وقيل: ما استفهامية مبتدأة، والضمير من الخبر محذوف تقديره: آلله أذن لكم فيه أو به، وهذا ضعيف لحذف هذا العائد.
وجعل ما موصولة هو الوجه، لأن فيه إبقاء.
أرأيت على بابها من كونها تتعدى إلى الأول فتؤثر فيه، بخلاف جعلها استفهامية، فإنْ أرأيت إذ ذاك تكون معلقة، ويكون ما قد سدّت مسد المفعولين، والظاهر أنّ أم متصلة والمعنى: أخبروني آلله إذن لكم في التحليل والتحريم، فأنتم تفعلون ذلك بأذنه أم تكذبون على الله في نسبة ذلك إليه؟ فنبه بتوقيفهم على أحد القسمين، وهم لا يمكنهم ادعاء إذن الله في ذلك فثبت افتراؤهم.
وقال الزمخشري: ويجوز أن تكون الهمزة للإنكار، وأم منقطعة بمعنى بل، أتفترون على الله تقريرًا للافتراء انتهى، وأنزل هنا قيل معناه: خلق كقوله: {وأنزلنا الحديد}، {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} وقيل: أنزل على بابها وهو على حذف مضاف أي: من سبب رزق وهو المطر.
وقال ابن عطية: أنزل لفظة فيها تجوز، وإنزال الرزق إما أن يكون في ضمن إنزال المطر بالمآل، ونزول الأمر به الذي هو ظهور الأثر في المخلوق منه المخترع والمجعول حرامًا وحلالًا.
قال مجاهد: هو ما حكموا به من تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام.
وقال الضحاك: هو إشارة إلى قوله: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا}. اهـ.

.قال أبو السعود:

{قُلْ أَرَءيْتُمْ} أي أخبروني: {مَّا أَنزَلَ الله لَكُمْ مّن رّزْقٍ} (ما) منصوبةُ المحلِّ بما بعدها أو بما قبلها واللامُ للدِلالة على أن المرادَ بالرزق ما حل لهم، وجعلُه منزلًا لأنه مقدّرٌ في السماء محصّلٌ هو أو ما يتوقف عليه وجودًا أو بقاءً بأسباب سماويةٍ من المطر والكواكبِ في الإنضاج والتلوين: {فَجَعَلْتُمْ مّنْهُ} أي جعلتم بعضَه: {حَرَامًا} أي حكمتم بأنه حرامٌ: {وَحَلاَلًا} أي وجعلتم بعضَه حلالًا أي حكمتم بحِلّه مع كون كلِّه حلالًا وذلك قولُهم: {هذه أنعام وَحَرْثٌ حِجْرٌ} الآية، وقولهم: {مَا في بُطُونِ هذه الأنعام خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ على أزواجنا} ونحوُ ذلك، وتقديمُ الحرامِ لظهور أثرَ الجعلِ فيه ودورانِ التوبيخِ عليه: {قُلْ} تكريرٌ لتأكيد الأمرِ بالاستخبار أي أخبروني: {الله أَذِنَ لَكُمْ} في ذلك الجعلِ فأنتم فيه ممتثلون بأمره تعالى: {أَمْ عَلَى الله تَفْتَرُونَ} أم متصلةٌ والاستفهامُ للتقرير والتبكيتِ لتحقق العلمِ بالشق الأخير قطعًا كأنه قيل: أم لم يأذنْ لكم بل تفترون عليه سبحانه، فأظهر الاسمَ الجليلَ وقدّم على الفعل دِلالةً على كمال قبحِ افترائِهم وتأكيدًا للتبكيت إثرَ تأكيدٍ مع مراعاة الفواصلِ، ويجوز أن يكون الاستفهامُ للإنكار وأمْ منقطعةً، ومعنى بل فيها الإضرابُ والانتقال من التوبيخ والزجرِ بإنكار الإذنِ إلى ما تفيده همزتُها من التوبيخ على الافتراء عليه سبحانه وتقريرِه، وتقديمُ الجارِّ والمجرور على هذا يجوز أن يكون للقصر كأنه قيل: بل أعلى الله تعالى خاصة تفترون. اهـ.

.قال الألوسي:

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ} أي ما قدر لانتفاعكم من ذلك وإلا فالرزق ليس كله منزلًا، واستعمال أنزل فيما ذكر مجاز من إطلاق المسبب على السبب، وجوز أن يكون الإسناد مجازيًا بأن أسند الإنزال إلى الرزق لأن سببه كالمطر منزل، وقيل: إن هناك استعارة مكنية تخيلية وهو بعيد، وجعل الرزق مجازًا عن سببه أو تقدير لفظ سبب مما لا ينبغي و: {مَا} إما موصولة في موضع النصب على أنها مفعول أول لأرأيتم والعائد محذوف أي أنزله والمفعول الثاني ما ستراه إن شاء الله تعالى قريبًا و: {مَا} استفهامية في موضع النصب على أنه مفعول: {أَنَزلَ} وقدم عليه لصدارته، وهو معلق لما قبله إن قلنا بالتعليق فيه أي أي شيء أنزل الله تعالى من رزق: {فَجَعَلْتُمْ مّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلًا} أي فبعضتموه وقسمتموه إلى حرام وحلال وقلتم،: {هذه أنعام وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: 138] و: {مَا في بُطُونِ هذه الأنعام خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ على أزواجنا} [الأنعام: 139] إلى غير ذلك.
{قُلِ الله أَذِنَ لَكُمْ} في جعل البعض منه حرامًا والبعض الآخر حلالًا: {أَمْ عَلَى الله تَفْتَرُونَ} {أَمْ} والهمزة متعادلتان والجملة في موضع المفعول الثاني لأرأيتم و: {قُلْ} مكرر للتأكيد فلا يمنع من ذلك، والعائد على المفعول الأول مقدر، والمعنى أرأيتم الذي أنزله الله تعالى لكم من رزق ففعلتم فيه ما فعلتم أي الأمرين كائن فيه الإذن فيه من الله تعالى بجعله قسمين أم الافتراء منكم، وكان أصل: {الله أَذِنَ لَكُمْ} إلخ آلله أذن أم غيره فعدل إلى ما في النظم الجليل دلالة على أن الثابت هو الشق الثاني وهم نسبوا ذلك إليه سبحانه فهم مفترون عليه جل شأنه لا على غيره وفيه زجر عظيم كما لا يخفى، ولعل هذا مراد من قال: إن الاستفهام للاستخبار ولم يقصد به حقيقته لينافي تحقق العلم بانتفاء الإذن وثبوت الافتراء بل قصد به التقرير والوعيد وإلزام الحجة.
وجوز أن يكون الاستفهام لإنكار الإذن وتكون: {أَمْ} منقطعة بمعنى بل الإضرابية، والمقصود الإضراب عن ذلك لتقرير افترائهم، والجملة على هذا معمولة للقول وليست متعلقة بأرأيتم وهو قد اكتفى بالجملة الأولى كما أشرنا إليه، ومن الناس من جوز كون: {أَمْ} متصلة وكونها منفصلة على تقدير تعلق الجملة بفعل القول وأوجب الاتصال على تقدير تعلقها بأرأيتم وجعل الاسم الجليل مبتدأ مخبرًا عنه بالجملة للتخصيص عند بعض ولتقوية الحكم عند آخر، والإظهار بعد في مقام الإضمار للإيذان بكمال قبح افترائهم، وتقديم الجار والمجرور للقصر مطلقًا في رأي ولمراعاة الفواصل على الوجه الأول وللقصر على الوجه الثاني في آخر.
واستدل المعتزلة بالآية على أن الحرام ليس برزق ولا دليل لهم فيها على ما ذكرناه لأن المقدر للانتفاع هو الحلال فيكون المذكور هنا قسمًا من الرزق وهو شامل للحلال والحرام والكفرة إنما أخطأوا في جعل بعض الحلال حرامًا، ومن جعل أهل السنة نظيرًا لهم في جعلهم الرزق مطلقًا منقسمًا إلى قسمين فقد أعظم الفرية. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا}
استئناف أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقوله للمشركين.
وافتتاحه بـ: {قل} لقصد توجه الأسماع إليه.
ومناسبة وقوعه عقب ما تقدم أن الكلام المتقدم حكى تكذيبهم بالقرآن وادعاءهم أنه مفترى وأنه ليس بحق، ثم إبطال أن يكون القرآن مفترى على الله لأنه اشتمل على تفصيل الشريعة وتصديق الكتب السالفة، ولأنه أعجز مكذبيه عن معارضته.
فلما استوفى ذلك بأوضح حجة، وبانت لِقاصد الاهتداء المَحجة، لا جرم دالت النوبة إلى إظهار خطل عقولهم واختلال تكذيبهم، فإنه بعد أن كان تكذيبًا بما لم يحيطوا بعلمه فقد ارتبكوا في دينهم بما يلزمهم منه مماثلة الحالة التي أنكروها، فإنهم قد وضعوا دينًا فجعلوا بعض أرزاقهم حلالًا لهم وبعضها حرامًا عليهم فإن كان ذلك حقًا بزعمهم فمن الذي أبلغهم تلك الشرائع عن الله ولماذا تقبلوها عمن شرعها لهم ولم يكذبوه وهم لا يستطيعون أن يلتزموا ذلك، وإن كان ذلك من تلقاء أنفسهم فقد افتَروا على الله فلزمهم ما ألصقوه بالنبي صلى الله عليه وسلم فعلق بهم وبرأ الله منه رسوله، فهذا الاستدلال من الطريق المسمى بالقلب في علم الجدل..
ثم إن اختيار الاستدلال عليهم بشيء من تشريعهم في خصوص أرزاقهم يزيد هذا الاستدلال مناسبة بآخر الكلام الذي قبله ليظهر ما فيه من حسن التخلص إليه وذلك أن آخر الكلام المتقدم جملة: {هو خير مما يجمعون} [يونس: 58]، أي من أموالهم.
وتلك الأموال هي التي رزقهم الله إياها فجعلوا منها حلالًا ومنها حرامًا وكَفروا نعمة الله إذ حرموا على أنفسهم من طيبات ما أعطاهم ربهم، وحسبهم بذلك شناعة بهم ملصقة، وأبوابًا من الخير في وجوههم مغلقة.
والاستفهام في: {أرأيتم} و: {ءَالله أذن لكم أم على الله تفترون} تقريري باعتبار إلزامهم بأحد الأمرين: إما أن يكون الله أذن لهم، أو أن يكونوا مفترين على الله، وقد شيب التقرير في ذلك بالإنكار على الوجهين.
والرؤية علمية، و: {ما أنزل الله لكم من رزق} هو المفعول الأول لـ (رأيتم)، وجملة: {فجعلتم منه} إلخ معطوفة على صلة الموصول بفاء التفريع، أي الذي أنزل الله لكم فجعلتم منه.
والاستفهام في: {آلله أذن لكم أم على الله تفترون} مفعول ثان لـ (رأيتم)، ورابط الجملة بالمفعول محذوف، تقديره: أذنكم بذلك، دل عليه قوله: {فجعلتم منه حرامًا وحلالًا}.
و: {قل} الثاني تأكيد ل: {قل} الأول معترض بين جملة الاستفهام الأولى وجملة الاستفهام الثانية لزيادة إشراف الأسماع عليه.
وهي معادلة بهمزة الاستفهام لأنها بين الجملتين المعمولتين لفعل: {أرأيتم}.
وفعل الرؤية معلق عن العمل في المفعول الثاني؛ لأن الأصح جواز التعليق عن المفعول الثاني.
وزعم الرضي أن الرؤية بصرية.
وقد بسطت القول في ذلك عند قوله: {أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه} الآية في سورة [الواقعة: 58، 59].
و: {أم} متصلة وهي معادلة لهمزة الاستفهام لأن الاستفهام عن أحد الأمرين.
والرزق: ما ينتفع به.
وتقدم في قوله تعالى: {ومما رزقناهم ينفقون} في سورة [البقرة: 3] وفي قوله: {أو مما رزقكم الله} في [الأعراف: 50].
وعبر عن إعطاء الرزق بالإنزال؛ لأن معظم أموالهم كانت الثمار والأعناب والحبوب، وكلها من آثار المطر الذي هو نازل من السحاب بتكوين الله، فأسند إنزاله إلى الله بهذا الاعتبار، ومعظم أموالهم الأنعام، وحياتها من العشب والكلأ وهي من أثر المطر، قال تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبًا ثم شققنا الأرض شقًا فأنبتنا فيها حبًا وعنبًا وقضبًا وزيتونًا ونخلًا وحدائق غلبًا وفاكهة وأبًا متاعًا لكم ولأنعامكم} [عبس: 24، 32].
وقال: {وفي السماء رزقكم} [الذاريات: 22] أي سبب رزقكم وهو المطر.
وقد عُرف العرب بأنهم بنو ماء السماء.
وهو على المجاز في كلمة (بني) لأن الابن يطلق مجازًا على الملازم للشيء.
وقد عبر عن إعطاء الأنعام بالإنزال في قوله: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} [الزمر: 6] بهذا الاعتبار.
والمجعول حرامًا هو ما حكى الله بعضه عنهم في قوله: {وقالوا هذه أنعام وحرث حِجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حُرمت ظهورها} وقوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومُحرَّم على أزواجنا} في سورة [الأنعام: 138، 139].
ومحل الإنكار ابتداءً هو جعلهم بعض ما رزقهم الله حرامًا عليهم.
وأما عطف {حلالًا} على: {حرامًا} فهو إنكار بالتبع لأنهم لما عمدوا إلى بعض ما أحل الله لهم فجعلوه حرامًا ومَيَّزوه من جملة الرزق فقد جعلوا الحلال أيضًا حلالًا، أي بجعل جديد إذ قالوا هو حلال فجعلوا أنفسهم مهيمنين على أحكام الله إذ عمدوا إلى الحلال منها فقلبوه حرامًا وأبقَوا بعض الحلال على الحل، فلولا أنهم أبقوه على الحل لما بقي عندهم حلالًا ولتعطل الانتفاع به فلذلك أنكر عليهم جعل بعض الرزق حرامًا وبعضه حلالًا، وإلا فإنهم لم يجعلوا ما كان حرامًا حلالًا إذ لم يكن تحريم في الجاهلية.
وقوله: {حلالًا} عطف على: {حرامًا} والتقدير: ومنه حلالًا، لأن جميع ما رزقهم الله لا يعدو بينهم هذين القسمين، وليس المعنى فجعلتم بعضه حرامًا وحلالًا، وبعضه ليس بحرام ولا حلال لأن ذلك لا يستقيم.
وتقديم اسم الجلالة وهو مسند إليه على خبره الفعلي في قوله: {آلله أذن لكم} لتقوية الحكم مع الاهتمام.
وتقديم المجرور على عامله في قوله: {أم على الله تفترون} للاهتمام بهذا المتعلق تشنيعًا لتعليق الافتراء به.
وأظهر اسم الجلالة لتهويل الافتراء عليه.
وحذف متعلق: {أذن} لظهوره.
والتقدير: آلله أذن لكم بذلك الجعل. اهـ.